زنچة
جميع المنصّات
إلى المحتوى الرّئيسي
Nightview from Dummar, Damascus, Syria

انترنت آخر: #سوريا

ضمن ملف "انترنت آخر"، نبحث في دوافع وحالات استخدام الڤي.پي.إن في سوريا والمواصفات الضروري توافرها في الخدمة من هناك.

لطالما كانت علاقة النّظام السوري بالانترنت شائكة. فكانت سوريا آخر دولة في المنطقة سمحت لمواطنيها باستخدام خدمات الإنترنت. عند دخول الإنترنت إلى البلاد في تسعينيات القرن الماضي، اقتصر الوصول إليه على الهيئات الحكوميّة فقط، بينما لم يُسمح للمواطنين السوريين الاشتراك بالانترنت لغاية عام ١٩٩٩، وفق تقرير من منظمة "هيومن رايتس ووتش".

شكّل الصراع عام 2011 نقطة تحوّل كبرى في البلاد. فأدّى القصف والتخريب إلى إلحاق أضرارٍ جسيمة بالبنية التحتية الضعيفة أساسًا. وبينما نجت العاصمة دمشق، معقل الحكومة، إلى حدّ معقول، فإنّ الضواحي والمناطق الريفية والنائية هي التي شعرت بوطأة الدمار، فشهدت انقطاعًا في الانترنت والكهرباء. وبات قرابة ثلثي البلاد غير متّصل بالانترنت من خلال مزودي الخدمة في سوريا. ترافق ذلك مع موجة نزوحٍ كبيرة هربًا من القصف والموت بين المحافظات وإلى خارج البلاد. شتات السوريين في الخارج بل وحتى في الداخل، جعلهم يبحثون عن حلولٍ عمليّة للتواصل. فلجأ الأفراد الذين يقعون في مناطق سيطرة المعارضة إلى شركات اتصالاتٍ تركية مثل WiMax وغيرها من موردي الانترنت الأتراك، ومنهم من لجأ إلى مزودين أردنيين لتأمين الخدمة في المناطق الحدودية مع الأردن وما إلى ذلك.

أمّا في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، فالقصة أيضًا لها منحًى آخر، فقد تمّ تصفية حركة الإنترنت بعدة طرقٍ من خلال فلترة عناوين IP، وأسماء المجالات (عنوان URL المكتوب في شريط العناوين) لحظر المواطنين من الوصول إلى مواقع ويب معينة، مثل "عنب بلدي" المعارِض والذي تمّ حجبه أكثر من مرة بين عامي 2017 و 2019، وأيضًا مواقع المنظّمات غير الحكومية بما فيها المرصد السوري لحقوق الإنسان ومقرّه في بريطانيا. إضافةً إلى معاناة الانتظار فتراتٍ طويلة لتحميل حتى مقطع فيديو صغير، وهذا ما تعكسه لغة الأرقام، حيث تبدأ سرعة الانترنت في سوريا برقمٍ ضعيف هو 512 كيلوبايت/ ثانية بحسب مواقع متخصصة في إحصائيات الانترنت. لكن متوسّط سرعة الإنترنت في المجمل يبلغ حوالي 768 كيلوبايت/ ثانية وهو أقلّ بكثير من المتوسط العالمي الذي يبلغ 7.2 ميغا بت/ ثانية.

دوافع وحالات الاستخدام (Use Cases)

... ولو في الصين

عبير (22 سنة) هي واحدة من الكثير من الطلاب الجامعيين الذين حُرموا من خدمات "Coursera" و"Udemy" وهما منصّتان معروفتان تقدّمان دورات تعليمية عبر الانترنت. وتلجأ عبير إلى تطبيقات VPN، بعد حجب المنصتين في سوريا وذلك نتيجة العقوبات المفروضة التي تمنع النّظام من بيع أو توريد السلع والخدمات التكنولوجيّة. إلّا أن هذه العقوبات قد وضعت الناس في نفس الخانة مع الحكومة! أمّا أنس (30 سنة) الذي يعمل في مجال البرمجة، فيضطر لاستخدام VPN عند تلقّي رابط دعوة على "زووم" (Zoom) للمشاركة في اجتماع أو حضور ورشة عمل. ومع ذلك لا ينجح الأمر معه تمامًا بسبب اتصالات الإنترنت البطيئة أصلًا وفق ما يقول. يُذكَر أنّ سوريا هي واحدة من خمس دول فقط لا يتوفر فيها تطبيق "زووم" وهي كوبا، وإيران، وكوريا الشمالية بالإضافة إلى جزيرة القرم في أوكرانيا وذلك "لأسباب تنظيمية" بحسب موقع "زووم" (Zoom).

عقوبات جماعيّة

كما أنّ الشركات التقنية الكبرى، مثل آپل وغوغل وأمازون، كانت تواجه عقبات في عملها بسوريا حتى قبل اندلاع النّزاع في عام 2011، إلّا أن العقوبات زادت من وتيرة الخدمات المحظورة. ويلفت أنس إلى أنّ "نتفليكس" وكذلك تطبيق "تيك توك" وحتى "غوغل ستور" و"آپل ستور" وغيرها قد طالها التقييد التقني في سوريا. ما حدا بالكثيرين من السوريين مثل كامل (26 سنة) وهو يعمل في مجال الصيرفة لإستعمال عدة تطبيقات VPN مجانية بعدما توقّف متجر"غوغل پلاي" وذلك لمراقبة أسعار الصرف المتقلّبة باستمرار. لكن ذلك يستهلك طاقةً كبيرة من البطاريّة، بالإضافة إلى استنزاف باقة الإنترنت بسرعة كبيرة. أمّا عن مصدر تنزيل التطبيقات فيجيب كامل أنها من مواقع إلكترونية متعددة مثل متجر "APKPure" أو "Aptoide" الذي كان قد سبق وتمّ تسريب بيانات لملايين مستخدميه العام الماضي. هكذا تحوّلت الأولوية لدى المستخدمين في سوريا إلى الحصول فعلًا على التطبيقات، مع تجاهل وعدم مراعاة جانب خصوصيّة البيانات والحماية من القرصنة لأن " بهيك وضع.. فيه شي أولى!"

لا يقف الأمر هنا، إذ تحظر بعض المواقع أبرزها تويتر على السوريين التسجيل برقمٍ هاتفٍ سوري. وهذا ما دفع الناشطة رنيم (32 سنة) إلى التواصل مع صديقٍ لها في بريطانيا لأجل التسجيل برقمٍ غير سوري استطاع تأمينه لها وتفعيله على هاتفٍ محمول هناك، بغية عمل التطبيق. ولا تخفي رنيم امتعاضها من الصعوبات التي تواجه الناشطين في سوريا. وتلفت إلى أنّ تويتر يعمد إلى حجب الأخبار والموضوعات المتداولة حول بلدها، ويطلب منها تغيير موقعها إلى بلدٍ آخر، ما يجعلها تستعمل VPN. لكن الطريف أنّ الأخبار التي تظهر تكون تبعًا للموقع الذي تختاره.

لقطة للشّاشة من تويتر رنيم


مواصفات الڤي.پي.إن المثالي في السّياق السوري

حسنًا، بعد ذلك كلّه، هل هناك من ميزات ضروري توافرها في VPN الذي نريد اختياره في سوريا؟ يقول أنس، بحكم عمله كتقني، إنّ الخدمة في تطبيقات VPN المجانية ستكون بطيئة جدًا أو محدودة من حيث خيارات البلدان التي يغطيها التطبيق مثلاً، يضاف إليها ضعف الانترنت في سوريا في الأساس. لذلك يفضّل اللجوء إلى خدمة VPN مدفوعة مقابل الحصول على خدمات أفضل. ولكن نظرًا لصعوبة الدفع الإلكتروني والوضع الإقتصادي في البلاد، يقوم المستخدمون غالباً بالسعي وراء تطبيقات VPN المجانية. كما يحبّذ أن تكون واجهة الإستخدام سهلة وغير معقدة خصوصًا للمستخدمين الذين لا يمتلكون قدرًا كبيرًا من المعرفة بالتكنولوجيا، وأن تدعم اللغة العربية بالنسبة للذين لا يتقنون لغات أجنبية.

نصائح إلى المستخدمين في سوريا:

في النهاية، إذا كنتم في سوريا فهناك بعض النصائح السريعة التي يجب أن تعرفوها:

  • حمّلوا أكثر من VPN.
  • تأكّدوا من اهتمام خدمة الڤي.پي.إن بخصوصيّتكم ولو كانت مجّانيّة.
  • تأكّدوا من تحميل VPN من مصادر موثوقة (مثل زنچة) أو عبر مقدّم الخدمة مباشرةً إن أتاح وسيلة لكم لذلك.
  • اعملوا على حثّ عائلتكم وأصدقائكم الذين تثقون بهم على ضرورة استخدام VPN موثوق أو شاركوهم سبل تثبيت خدمات تثقون بها.
  • كونوا حريصين جدّاً فيما يخص محاولات تصيّدكم الكترونيّاً سواء كانت عبر رابط تحميل أو صورة.
  • خذوا دورة: "هجمات التصيّد" على منصّة توتم التعليميّة فهي ستحميكم من القراصنة والجواسيس الذين قد يحاولون اختراق أجهزتكم.
  • ولا ننسى ذكرسلامتك التي تقدّم خدمات الدعم والتدريب في السلامة الرّقميّة للسوريين على وجه الخصوص.

مهتمّون بالمساهمة في ملف "انترنت آخر" ؟ ابعثوا لنا salam@zanga.tech

صورة الغلاف لِ T Foz عبر موقع Unsplash وهي مشهد لليلة من شرفة في دمّر، دمشق


نزّلوا تطبيق الأندويد مجّاناً

للتنزيل مباشرةً
العودة للترويسة