زنچة
جميع المنصّات
إلى المحتوى الرّئيسي

ويكيبيديا: نحو موسوعة عربيّة منفتحة

كيف يمكن لويكيبيديا أن تعاصر المرحلة من ناحية المحتوى المعرفي ومن حيث البيئة التي يساهم فيها المتطوّعين في تجميعه وكتابته.

بقلم: ليلى طه

تحت عنوان "انفتاح"، نظّمت مجموعة من مستخدمي ويكيبيديا الجزائر النّسخة الخامسة من مؤتمر "ويكي عربيّة ٢٠٢١" ليطرحوا، على مدار ثلاثة أيّام امتدّت من ١٥-١٧ أكتوبر/تشرين الأوّل، قضيّة مدى انفتاح المجتمع الويكيبيدي العربي. في صفحة المؤتمر على ويكي-ميتا، يوصّف المنظّمون الإشكاليّة التي يواجهونها بكيفيّة مواكبة المحتوى المعرفي "في أوج عصر العولمة" من أجل أن تكون النّسخة العربيّة من الموسوعة "أوّل مصدر للمعلومة الموثوقة عربيّاً بِلُغة ونظرة عربيّة تتيح للقارئ إمكانيّة الوصول للمعلومة في حينها" وذلك عن طريق "استقطاب وتكوين مساهمين جدد" يضيفون محتوى "بصفة دائمة ومُنتظمة... وإقحامهم في العمل التطوعي لإثراء المحتوى العربي، وللوصول للمستخدمين في البلدان غير الممثّلة".

هي أهداف نبيلة، ولا شك صعبة المنال. فإنّ معضلة استقطاب المتطوّعين والمستخدمين الجدد، والأهم استمراريّتهم في العمل التّطوعي لا تقتصر على النّسخة العربيّة من الموسوعة "الحرّة" التي وُصفت بأنّها الأكبر في تاريخ البشريّة.

في مقال بعنوان "تراجع ويكيبيديا" (The Decline of Wikipedia) نُشر في عام ٢٠١٣ في بحوث جامعة إم.آي.تي التقنيّة (MIT Technology Review)، يكتُب توم سيمونايت: "القوى العاملة من المتطوّعين الذين قاموا ببناء أساس المشروع، النُّسخة الانجليزيّة من ويكيبيديا —والذين عليهم حمايته من التخريب والخداع والتلاعب— تقلّصت بأكثر من الثّلث منذ عام ٢٠٠٧، ولا زالت تتقلّص."

ويضيف حول النُّسخة الانجليزيّة من ويكيبيديا، "من بين المشاكل الجوهريّة التي لم تتم مُعالجتها بعد هي التغطيّة المُختلّة من قبل الموقع: فبينما المداخلات شاملة حول بوكيمون (Pokemon) والنّجمات الإباحيّات، فإنّ الصّفحات حول الكاتِبات أو الأماكن في جنوب صحراء أفريقيا ضحلة… السبب الرّئيسي لهذه المشاكل ليس بغامض. فالتجمّع الرّخو الذي يسيّر الموقع، والذي يقدّر بأنّ ٩٠٪ منه من الذّكور، يدير بيروقراطيّة ساحقة في أجواء عادّة ما تسودها الفظاظة الذي تردع القادمين الجدد الذين قد يزيدون من نسبة المشاركة في ويكيبيديا ويوسّعون قاعدة تغطيتها."

"ويكيبديا ليست" (للنّساء والأقليّات)

في ملخّص دراسة بعنوان "سيّدة بدون تصنيف: الجندر، الملحوظيّة، واللّامساواة في ويكيبيديا" (٢٠٢١)، تفتتح فرانشيسكا تريپولي بحثها: "الجندر هو أحد أكثر أشكال اللامساواة خباثة وانتشاراً. مثلاً، ويكيبيديا الانجليزيّة تحتوي على أكثر من ١.٥ مليون سيرة ذاتية حول كتّاب ومخترعين وأكاديميين ممّن يتمتّعون بالملحوظيّة، لكن أقل من ١٩٪ من تلك السّير موضوعها من النّساء."

مؤسّسة ويكيميديا، المؤسّسة الغير ربحيّة التي تُشغِّل ويكبيديا، أحد أكبر ١٠ مواقع في العالم، مُدرِكة تماماً لهذه "الهوّة الجندريّة". ففي مقال حول "مشروع إعادة الكتابة" (Project Re-Write) المنشور في قسم أخبار مؤسّسة ويكيبيديا، والذي يهدف لِسرد قصص النّساء في الموسوعة العالميّة، تكتُب أدورا سڤيتاك: "منذ تدوين التاريخ، طالما حُذفت النّساء من السّجل. ففي عالم يطلب منّا الصّمت، تصبح رواية قصص النّساء عمل راديكالي بحدّ ذاته. والكثير من النّساء قمن بقيادة هذه المسيرة: من ارڤاشى بوتاليا، التي أسّست دار نشر نسويّة وشاركت تاريخ تقسيم الهند من عيون النّساء والمجموعات المهمّشة، إلى نوال السّعداوي، التي ربطت أمراض النّساء الطبيّة بِظروف الاضطهاد الاجتماعي الذي يعانين منه فواجهت السّجن بسبب نشرها لنصوص نسويّة." (ولعلّ من المفارقة أنّه ليس هناك صفحة لِأرڤاشي في ويكيبيديا العربيّة سوى في اللّهجة العاميّة المصريّة، —كما هو الحال في المقالة العربيّة حول النّاشطة المصريّة سارة حجازي— وأنّ "الصفحة دي يتيمة".

وتُعقّب المديرة التنفيديّة لمؤسّسة ويكيميديا كاثرين ماهر،: "...دعني أعترف بأنّ عيوب ويكيبيديا حقيقّة تماماً. فغالبيّة مساهمينا من الرّجال الغربيين، الذين يتصرّفون كحُرّاس بوّابة، ويطبّقون أحكامهم وانحيازاتهم الخاصّة… في ذات الوقت، في تصميمها، ويكيبيديا مشروع حي، يتنفّس —وهي تجميع للمعرفة، التي تؤمن الكثير من المصادر، بمُجملِها، أنّها تستحق المعرفة. لذا فهي تعكس التحيُّز الموجود في العالم أكثر من كونِها مُسبّباً له."

كما تضيف في ذات المقال الذي يحمل عنوان "ويكيبيديا مرآة لانحيازات العالم الجندريّة": "لإصلاح الهوّة الجندريّة في ويكيبيديا، نحتاج من مساهمينا ومحرّرينا الانتباه أكثر لإنجازات النّساء. وهذا ينطبق على جميع المجموعات الأقل تمثيلاً: الأشخاص الغير بيض، ذوي الإعاقات، المثليين، والمجتمعات الأصلانيّة. رغم أنّنا لا نؤمن بأنّ على المحرّرات وحدهن الكتابة عن غيرهن من النّساء، أو الكتّاب الغير البيض عن الغير البيض. نعم، نعتقد أنّ قاعدة أوسع من المساهمين والمحرّرين —تتضمّن النّساء والأشخاص الغير البيض وغيرهم— ستساعد بطبيعة الحال في جعل محتوانا أكثر شموليّة. نحتاج أيضاً من الحقول الأخرى أن تتعرّف على وتوثّق المواهب المتنوّعة. إذا لم يعترف الصحفيين، والناشرين، والباحثين العِلميين، ومنسّقي المعارض الفنيّة، والأكاديميين، ومانحي الجوائز بأهميّة أعمال النّساء، سيكون لمحرّري ويكيبيديا القليل الذي يمكن لهم أن يبنون عليه."

مجد الشّهابي، النّاشط في مجال المعارف الحرّة والمفتوحة، يشرح هذه الفكرة: "إنتاج المعرفة لا يحصل على ويكيبيديا تحديداً. ويكيبيديا تُعيد تنظيم المعرفة وتجميعها بحيث تكون متاحة لأكبر قدر ممكن من الناس. عمليّاً، ويكيبيديا تمنع نشر البحوث الأصيلة أو الأوّليّة (Primary Research). بمعنى إذا قمت بعمل بحثي وأريد نشره في مكان ما، لا يمكن لي نشره على ويكيبيديا. أوّلاً، يجب أن أنشره في مجلّة مثلاً أو جريدة أو جورنال، ومن ثمّ يمكن أن أستشهد بهذه المادة التي نشرتها في المقالة التي أكتبها حول أي موضوع [على ويكيبيديا].

فيصبح السّؤال هنا، أين يحصل إنتاج المعرفة؟"

السؤال الذي يطرحه مجد يصبح مستعصياً أكثر في سياق إنتاج المعرفة في الدّول المتحدّثة بالعربيّة.

امرأة بدون ملحوظيّة

افتتحت كاثرين ماهر مقالتها بسرد قصّة عالمة الفيزياء البصريّة دونا ستريكلاند التي لم تملك صفحة على ويكيبيديا عندما أصبحت ثالث امرأة في التاريخ تربح جائزة نوبل للفيزياء في شهر أكتوبر/تشرين الأوّل عام ٢٠١٨. "عالمة فيزياء بصريّة في جامعة "واترلو"، ستريكلاند نابغة، مُنجزة، ومُلهمة، أو باستخدام مصطلحات ويكيبيديا، تستوفي بوضوح شروط الملحوظيّة... والأكثر إحراجاً من ذلك، أنّ محرّر(ة) متطوّع(ة) في ويكيبيديا كتب(ت) مسوّدة صفحة حول ستريكلاند في آذار/مارس ، لكن تمّ رفضها في أيّار/مارس. السّبب: لم تكن هناك تغطية كافية لعمل ستريكلاند في مراجع ثانويّة مستقلّة حتى تستوفي شروط الملحوظيّة. ببساطة، لم يتم توثيق إنجازاتها بما يكفي في مقالات إخباريّة ليتمكّن محرّروا ويكيبيديا من الاستشهاد بها كمراجع."

الصّورة لا تختلف كثيراً بطبيعة الحال في ويكيبيديا العربيّة، وعلى الأخص عندما يتعلّق الأمر بإنجازات المرأة العربيّة من منظور أو"نظرة عربيّة" كما يطمح منظّمو "ويكي عربية ٢٠٢١". وللأسف فإنّ غياب الملحوظيّة حول إنجازات النّساء العربيّات سواء الصّحفيّات، أو النّسويات، أو النّاشطات، أو الفنّانات، أو العالِمات، الخ، الخ…هو السبب (أو الحُجّة) الذي يتذرّع به الإداريون الـ ٢٦ الذين من بينهم ٣ نساء، والذين يتّخذون قرارات تحريريّة لتحديد المحتوى المعرفي لِلُغة يتحدّث بها يوميّاً أكثر من ٤٠٠ مليون شخص.

ويمكن لأي قارئة أو قارئ للموسوعة الحرّة الاطلاع على صفحة إخطار الإداريين لأخذ عيّنة من النّقاشات حول القرارات التّحريريّة والإداريّة المتطوّرة أبداً بين المستخدمين من ذوي الصلاحيات المختلفة والإداريين الذين يملكون صلاحيّات حذف أو حماية مساهماتهم. في هذه الصّفحة، يمكن التماس بعض الإحباطات التي يواجهها المساهمين في الموقع، فهناك سطور تحذف، مثل صفحة العضو في مجلس الشّيوخ المصري رشا قلج التي تمّ حذف صفحتها بالعربيّة لأنّها "لا تستوفي المعايير"، رغم وجود صفحة لها بالانجليزيّة).

هنالك انتصارات صغيرة (مثل حالة الكاتبة باسمة الوزّان التي نُشرت صفحتها بعد نقاش حول إنجازاتها التي تمثّلت عندها بنشر ١٢ كتاب للأطفال، وهناك طبعاً الهزائم التي تكون أحياناً نتيجة لما يمكن وصفه بالتحرير الهدّام مثل حذف صفحة النّاشطة المثليّة الرّاحلة سارة حجازي باللّغة العربيّة بعد نقاش يسهُل وصفه بالهدّام أيضاً. (وتجدر هنا الإشارة إلى "ويكيبيديا وقصة سارة حجازي تثير الجدل حول المعايير التحريرية وحرية التعبير " بقلم ديما ببيلي في موقع ب..بي.سي عربي وبعد حذف صفحة التعريف بسارة حجازي… كيف تُدار "ويكيبيديا العربية"؟" بقلم سامية علام على رصيف٢٢)

يقول مجد معلّقاً على سؤال ماذا نخسر كمتحدّثين باللّغة العربيّة عندما تحذف صفحات مثل صفحة سارة: " تمّ عرض صفحة سارة حجازي على ويكيبيديا أكثر من نصف مليون مرّة باللّغات الـ ٢٢ التي كتب فيها المقال. هؤلاء النّصف مليون بني آدم، لديهم عطش لمعرفة من هي سارة حجازي، ولماذا حُذِفت مقالتها، لماذا انتحرت، ولماذا انقُتلت من قبل النّظام الأبوي.

ما نخسره هو توثيق جزء من سِجلّنا العام، وهو سِجِل مُهِم، ومن المُهِم أيضاً أن نستمر في الإضافة إليّه. إذا محونا سارة من سُجلّنا العام سنسيء لأنفسنا لأنّا سوف ننسى تاريخنا، وجزء من تاريخنا هو تاريخ كويري وتاريخ شيوعي. لماذا نطمس تاريخنا بأنفسنا أو نمحي جزء من أنفسنا؟"

قد يكون قُرّاء الموسوعة العربيّة حُرموا من القراءة عن سارة حجازي ليس لكونها امرأة فحسب، وإنّما لكونها امرأة مثليّة. ولكن هل تطبّق معايير الملحوظيّة أو السير الشخصيّة ذاتها على اللّواتي لا ينتمين تحديداً إلى أقليّات مهمّشة سواء اجتماعيّاً أو سياسيّا؟ بعد بحث بسيط عن مقالات حول ١١ امرأة عربية في قائمة بي بي سي لأكثر النساء إلهاما في عام ٢٠٢٠، وجدنا مقالات عن ٤ نساء من أصل الـ ١١ في صفحات ويكيبيديا العربيّة، أي أقل من النّصف - أو بتقدير "راسب".

هو رأي شخصي حتماً، ولا ينفي خالص التقدير والاحترام لجهود المتطوّعين في ويكيبيديا العربيّة بمختلف صلاحيّاتهم ومسؤولياتهم التاريخيّة، ولكن، يصعُب تخيّل ويكيبيديا عربيّة منفتحة وبنظرة عربيّة يمكن أن تقتبس منها باقي الموسوعات العالميّة، في ظل غياب صفحات بالعربيّة لشخصيّات (وحتّى مؤسسّات) تشكّل النّسيج الحيوي والمعاصر لمجتمعاتنا المتحدّثة بالعربيّة -خاصّة عندما يُكتب عنها في صفحات الموسوعة ذاتها بلغات أخرى. فمتى وكيف يُمكن أن تُحوِّل معايير موسوعة رقميّة، ومفتوحة، وتحت الإنشاء الدّائم في جوهر تصميمها دور حارس المعرفة إلى رقيب؟

مقاييس صحّيّة

في "ويكي عربيّة ٢٠٢١"، طرح مارك ميكيل ريبي، وهو باحث في ويكيميديا، على الحضور مجموعة من الأسئلة المهمّة في سياق أهداف المؤتمر، وذلك في جلسة بعنوان "قياس صحّة مجتمع ويكيبيديا العربيّة: هل نحن "منفتحون" على نمو المجتمع وتجديده؟". في الجلسة يطرح مارك مجموعة من المعايير لقياس "صحّة المجتمع" الويكيبيدي(EN) والتي يصفها بستة مؤشّرات حيويّة التي يمكن لها أن تساعدنا في "تجنّب المخاطر في المستقبل وحتى التخطيط للنّمو. مثلاً عبر تجنّب خطر ما يعرف بِـ "عامل الباص" (Bus Factor) الكلاسيكي، الذي يطرح علينا سؤال ما الذي سيحصل لمشروع ما في حال دهس باص المسؤولين عنه".

في جلسته ،المتوفّرة بالانجليزيّة بالڤيديو أو على شكل ملف پي.دي.إف يركّز مارك على ويكيبيديا العربيّة (بما فيها اللهجتين المصريّة والدّارجة) ويقارن ما بينها وبين اللّغات الألمانيّة والهولندية والفرنسيّة من خلال هذه المؤشّرات الحيويّة.

المؤشّر الأوّل هو "البقاء" (في العمل) ويُحسب كنسبة مئوية من المحرّرين الجُدد الذين يستمرّون (يبقون) لمدّة تفوق ال ٦٠ يوماً بعد أوّل عملية تحرير إلى عدد المحرّرين الجُدد بشكل عام. يقول مارك أنّ عدد المحرّرين الذين يسجّلون في ويكيبيديا مُستقر نسبيّاً وهذا مؤشّر جيّد، إلّا أنّ نسبة بقاءهم في ويكيبيديا العربيّة خلال العشر سنوات الماضيّة، ضئيلة وتتراوح ما بين الـ ١.٣ إلى ٢٪، بحسب بحوث مارك. في الإيطاليّة، تراوحت النّسبة ما بين الـ ١.٥٨٪ والـ ٨.١٪.

أمّا المؤشّر الثاني، فهو "الاستمراريّة"، ويُشير إلى مثابرة المحرّرين النّشطين من شهر إلى شهر، ونسبة المحرّرين الجُدد من بينهم بين شهر وآخر. وتشير بيانات مارك أنّه في ويكيبيديا العربيّة وفي أي شهر خلال العام الماضي (تحديداً من سبتمبر/أيلول ٢٠٢٠ لغاية أغسطس/آب ٢٠٢١)، كانت نسبة المحرّرين الجُدد حوالي ٧٠٪، بينما في بقيّة اللٌغات المُحدّدة، فهي تتراوح ما بين الـ ٣٠-٤٠٪، وهذا يُشير إلى أنّ ويكيبيديا العربيّة غير مستقرّة بحسب مارك، لأنّها ورغم نجاحها في استقطاب المحرّرين الجدد الذين ينشطون في شهر ما، لا تنجح في استمراريّتهم في التّحرير (النّشيط) في الشّهر الذي يليه.

في المؤشّر الرّابع، "العمليّات الخاصّة"، يُنظر إلى العمليّات التقنيّة والتنسيقيّة، التي تُعتبر جوهريّة بالنّسبة لمشروع الموسوعة ككُل، مع الأخذ بعين الاعتبار "الجيل" الذي ينتمي إليه من يقوم بها من "المحرّرين النّشطين جدّاً (الذين يقومون بأكثر من مئة عمليّة تحرير شهريّاً). والمفترض هنا أنّ الأجيال الأقدم لديها الخبرة والتجربة، وأنّ الأجيال الأجدد، أو التي انضمّت لمجتمع ويكيبيديا في وقت لاحق، لديها الطّاقة والحيويّة.

في الشّق الأوّل من المؤشّر الحيوي هذا، يبحث مارك في عدد المحرّرين التقنيين النّشطين جدّاً في ذات الوقت (أي الذين يقومون بتعيين النطاقات، والتي تعد عمليّات تقنيّة ومنها نطاقات القوالب، ونطاقات "ميدياويكي") في الفترة الممتدة ما بين ٢٠١٤-٢٠٢١، ومن ثم ينظر إلى الجيل الذي ينتمون إليه.

بحسب بيانات مارك، أنّه محرّرين ويكيبيديا النّشطين والتّقنيين معظمه منهم من جيل ٢٠١١ - ٢٠١٥، كما هو الحال في باقي الموسوعات. ولكن مارك يحذّر من "أثر الباص حيث أنّ عدد المحرّرين النّشطين-التقنيين في ويكيبيديا العربيّة لا يتجاوز الـ ٤٠ شخصاً.

وفي الشّق الثّاني من مؤشّر "العمليّات الخاصّة"، يقوم مارك بتحليل شبيه للبيانات ذاتها، مُستبدِلاً التقنيين بالمُنسّقين الذين يقومون بأنشطة وفعاليّات اجتماعيّة مختلفة مثل(Wikiprojects) أو Village Pump. هنا تشير بيانات مارك أنّ معظم المحرّرين النّشطين جدّاً والذين يقومون بنشاطات تنسيقيّة هم من الجيل الأجدد (٢٠١٦ - ٢٠٢٠)، وهذا على عكس باقي اللّغات التي يقوم بها من لديهم الأسبقيّة في ترتيب جهود المتطوّعين عبر أنشطة مجتمعيّة لتحسين جودة التّحرير في الموسوعة.

في إحدى توصياته، يقترح مارك على مجتمع ويكيبيديا العربيّة توسيع قاعدة عدد الإداريين، وفتح الأبواب لمحرّرين جدد أكثر تنوّعاً.

محمد الجوهري، مهندس وناشط في مجال المعرفة الحرّة، يوصّف تجربته الشّخصيّة في التطوّع مع ويكيبيديا العربيّة بطريقة تجسّد هذه البيانات المُركّبة: "هناك تصور لدى معظم الإداريين النشطين في ويكيبيديا بالعربي أنّه ليس هناك اهتمام واسع بالتطوّع، وبالتالي لا يكون هناك اهتمام كاف بالمتطوعين الجدد. من وجهة نظري، ومن تعاملاتي الشّخصيّة، أشعر أن هناك إلقاء بعبء التّعلم على الجُدد بشكل كامل، دون اﻹهتمام بالتعريف بحوكمة الموقع. هناك اهتمام فقط بكيفيّة التحرير التقنية، وأنّ السّبيل الوحيد للارتقاء في الصلاحيات هو عدد مرّات التحرير وكفاءة المقالة المكتوبة في الموسوعة وفقط. هذه الرّوح، من وجهة نظري، تُنفّر المتطوعين الجدد."

ويضيف: "لو أنّ الإداريين غير مهتمين بالحوكمة، لا ينفع في نفس الوقت أن يلقوا العبء على المتطوعين الجدد في تعلّم كيفيّة عمل الموقع. طالما ليس لديكم وقت أو اهتمام بالحوكمة، يجب أن يكون الجو العام مناسب للدّم الجديد انه يدخل ويتعلم، وإلّا ستكون بمثابة أنبوبة مقفولة من الطرفين.

دعوة مفتوحة: للتحرير النّسوي

تقول بكريّة المواسي، كاتبة ومترجمة من فلسطين: "تستطيع كل من تتصفح موسوعة ويكيبيديا أن تحرّر فيها. بإمكان كافّة القرّاء أن يتحولوا من مستهلكات ومستهلكين للمعرفة إلى منتجات ومنتجين لها بعد الاطلاع على قواعد الموسوعة. الموسوعة هي مسودة مفتوحة ومساحة قابلة للإثراء وتدعو القرّاء للمساهمة فيها على الدوام."

وتجدر الإشارة إلى أنّ بكريّة تنشط في حقل المعرفة الحرّة والكتابة في ويكيبيديا العربيّة منذ عام ٢٠١٨، وأنّها أشرفت على إنشاء موقع "ويكي ورشة"، وهو موقع تدريبي لمستخدمي.ات ويكيبيديا المبتدئين.

إذن هنا بعض الحلول العمليّة لإثراء النّسخة العربيّة من الموسوعة:

١)اقرأن: للأسف فإن قارئات ويكيبيديا (في كافّة اللّغات بما فيها العربيّة) أقل من قرّائها الذّكور. ولكن هناك متعة خاصّة جدّاً في القراءة عن النّساء العربيّات بالعربيّة، وننصحكن بشدّة بقراءة المقالة حول الكاتبة والأديبة مي زيادة التي هي "مقالة مختارة" وثريّة على ويكيبيديا العربيّة.

٢) اكتسبوا مهارات جديدة: في حوالي نصف ساعة من الزّمن يمكنكن تعلّم أساسيّات التحرير والكتابة في ويكيبيديا من خلال "ويكي ورشة"، عبر١٢ فيديوهات تدريبيّة ابتداءً من إنشاء حساب وانتهاءً بطلب المصادقة على التعديلات. ومن الأفضل أيضاً تطبيق هذه الدّروس عمليّاً!

٣) اثروا لغتكم: "صلوا سمّاعات ذات جودة عاليّة إلى حاسوبكم، واحضروا هذا الڤيديو بعنوان التدقيق اللغوي في خدمة ويكيبيديا (١٧:٢٠) الذي كان جزء من برنامج "ويكي عربيّة، الجزائر ٢٠٢١" ويذكر فيه الأستاذ طه زروقي بعض مصادر التدقيق اللُّغوي ومنها:آية سبل، وغلطاوي، التصحيح التلقائي العربي، موقع language tool، وبرنامج التشكيل الآلي مشكال.

ــــ

نزّلوا تطبيق الأندويد مجّاناً

للتنزيل مباشرةً
العودة للترويسة