زنچة
جميع المنصّات
إلى المحتوى الرّئيسي

انترنت آخر: #مصر

ضمن ملف "انترنت آخر"، نبحث في دوافع وحالات استخدام الڤي.پي.إن في مصر ونقدّم بعض النّصائح للمستخدمات والمستخدمين من هناك.


"الرّقابة الذاّتيّة أصبحت جزءاً من حياة النّاس اليوميّة في مصر. عليّ أن أفكّر فيما سأقول، وكيف سأقوله، وإن كنت سأقوله عبر اتصال ڤي.پي.إن … لا أشعر بالعار، أشعر بالحزن" تقول نادية، شابّة مصريّة.


شوارع القاهرة تضيق، وحتى الانترنت يضيق منها. في هذا الخط الزّمني، تسرد "مسار" "أحداث الرّقابة على الانترنت في مصر": منذ ١٣ مارس/آذار ٢٠١٠، لا يمكن استخدام شبكات الانترنت المحمولة لإجراء مكالمات على سكايب أو غيره من تطبيقات، مثل واتساب، أتت بعد ذلك لتقدّم خدمة "الاتصال عبر بروتوكول الانترنت" (VoIP). ومنذ ٢٤ مايو/أيّار ٢٠١٧، بدأت حملة حجب المواقع الإعلاميّة بـ ٢١ موقع من بينها "مدى مصر"، و"الجزيرة"، وغيرها من المواقع التي لا زالت محجوبة حتى هذا اليوم - أي بعد مرور ٤ سنوات. منذ ٢٠١٧، اعتاد الرّقيب المصري على حجب ما يشاء، إلى أجل غير مسمّى، وبدون سابق إنذار، وغالباً بدون مُبرّر قانوني، فحجب ٢٥٠ من مواقع تخطّي الحجب بعد ٣ أشهر قصيرة من بدء موجة حجب المواقع الإخباريّة في أغسطس/آب من ذات العام.

في العام الماضي، أطلقت "مسار" و"الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" حملة #أوقفواـالحجب للمطالبة بالتوقّف عن ممارسات الرّقابة والحجب الممنهج على الإنترنت، بعد أن تعرّض ٦٣٨ رابط للحجب في مصر، من بينها ٣٢ رابط بديل، في فئات شتّى منها البيئية، والحكوميّة، والثّقافيّة، والتربويّة، الخ، الخ … والتي يمكنكم الإطلاع على أعدادها المتزايدة وروابطها هنا.

في العام الماضي أيضاً، أطلقت "حريّة الفكر والتّعبير" (AFTE) حملة #إنترنت_حر _لصحافة_حرة، رافقتها دراسة بعنوان "ما لم يُرَ! دراسة حول آثار الحجب على المواقع الصحفية في ثلاث سنوات"، يرِد فيها بأنّ حجب بعض المواقع يمتد أحياناً إلى النطاقات الفرعيّة للنطاق الأصلي للموقع المستهدف حجبه، والتي بعضها لا يقدّم محتوى سياسي بتاتاً، وبأّن الحجب أثّر "بشكل ملحوظ على المحتوى العربي على الانترنت، والذي يتصف بالندرة مقارنةً بالمحتوى المتاح بلغات أخرى. حيث أدى حجب عدد من المواقع بعينها إلى حجب أرشيف يحتوي على ملايين الصفحات من المحتوى العربي (الصحفي والحقوقي)."

ويشير مصطفى (٢٨ سنة) وهو ناشط حقوقي إلى أنه مع إصدار عددٍ من القوانين في مصر، أبرزها قانون "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" عام ٢٠١٨، ووجود نصوص غير واضحة حول استخدام خدمات تشفير أو أمان رقمي مثل الڤي.پي.إن (VPN)، برزت مخاوف من استعمال برامج الـڤي.پي.إن في البلاد. (راجعوا: "دليلك المفيد لقانون الجرائم الالكترونية الجديد" من "مدى مصر") إلّا أنّه يؤكّد على أنّ مسؤوليّة منع الوصول إلى المواقع المُستهدَف حجبها تقع على مُقدمي الخدمة وليس على المُستخدم، وهذا ما تؤكّده "مسار"، حيث لا يوجد تجريم على مجرد حيازة واستخدام برمجية بعينها، بما فيها البرمجيات التي تُساعد على تجاوز الحجب. رغم ذلك، ووفقًا لمسحٍ أجراه فريق "Atlas VPN" البحثي لعام ٢٠٢٠، يستخدم قرابة ٣٪ فقط من سكان مصر خدمات الڤي.پي.إن، في بلدٍ يتجاوز عدد سكانه ال ١٠٠ مليون نسمة.


دوافع وحالات استخدام (Use Cases) الڤي.پي.إن (VPN)


للقراءة ومتابعة الأخبار

تقول مار (٢٧ سنة)، وهي باحثة بيانات ومبرمجة،إنها تستخدم ڤي.پي.إن على حاسوبها منذ ما يقارب العامين بشكلٍ أوتوماتيكي ودائم طالما هي متصلة بالانترنت. لكن في السابق، كان استخدامها للڤي.پي.إن يقتصر على حاجاتها لفتح مقال ما خلال مذاكرتها أو تصفّحها للانترنت، خصوصًا بعد موجة الحجب في مصر. وتشير مار بأنّ استخدام الڤي.پي.إن بحد ذاته قد أثّر سلباً على متابعتها لمواقع معيّنة: "في لحظة ما، قبل استخدام ڤي.پي.إن، كنت أتابع مثلاً موقع "مدى مصر" بشكل منتظم. لكن بعد الحجب، صرت أتصفّحه أقل، لأنّه أصبح 'تعسيفة كبيرة إنّي أقرأ مقال'. ولا تخفي مار انزعاجها من تجميع عدد من المقالات المحجوبة في تبويبات كثيرة في متصفّحها للقراءة لاحقاً، أو بطئ بعض خدمات الڤي.پي.إن، أو حاجاتها إلى التحديث، كجزء من هذا "التعسيف" على حد تعبيرها.

ويقول يوسف (٣٢ سنة) وهو صحفي يعمل في مجال الحرّيات الإعلاميّة ويستخدم VPN بشكل "يومي طبعاً"، بأنّ ٩٠٪ من الأخبار تأتي عن طريق مواقع محجوبة. ورغم تحفّظه على تصنيف المواقع الصّحفية كمعارضة وموالية، إلّا أنّه يوصّف المؤسسات الغير محجوبة ب "مؤسّسات بوق" تنقل الرّواية الرّسميّة فقط.

في المكتب

يقول ياسر (٢٦ سنة) وهو مطوّر برمجيات، بأنّه يستخدم ال VPN في ثلاث حالات. الأولى، هي للوصول إلى خدمات داخليّة خاصّة بمكان عمله عن طريق ڤي.پي.إن مزوّد من قبل الشّركة التي يعمل بها لهذه الغاية. الثّانية، هي الوصول لبعض المواقع المحجوبة والمتعلّقة أيضًا بعمله، منها موقع "Medium" المحجوب وموقع لغة برمجة "Angular" الذي يواجه أحيانا صعوبة في الوصول إليه. أمّا الحالة الثّالثة، فهي لِلعب "GTA V" التي "لا تعمل كل سيرفراتها (خوادمها) من مصر، وغير واضح إن كان سبب المشكلة من مصر أم من مقدّم الخدمة". أمّا مار، فتقول أنّ طبيعة عملها كباحثة بيانات هي ما أدّى إلى استخدامها الدّائم لِـ VPN، حيث كانت تعتمد على موقع أرشفة الأخبار المصريّة "مصرس"، الذي حجب لاحقاً لأنّه يجمع أخبار من مواقع صحف كثيرة، بينها المحجوبة، ولذلك تمّ حجبه.

لتأمين الاتصالات

يذكر يوسف بأنّه يستخدم VPN عند استعماله لتطبيقات وخدمات اتصالات قد لا تكون محجوبة بالضّرورة، مثل سيجنال (Signal) وجيتسي (Jitsi)، لكن ذلك يزيد من جودة وأمان الاتصال بالنّسبة له. أمّا محمد منصور، ٣٦ ، ناشط سياسي وحقوقي يعمل في مجال التكنولوجيا، فهو يستعين به في بعض الأحيان عند محادثاته مع أصدقائه في بعض الدول التي تقيّد الانترنت أيضاً، وخاصّة أصدقائه الحقوقيين.

برنامج فك حجب لفك حجب برنامج فك حجب لفك حجب برنامج فك حجب ….

تقول مار بأنّ متصفّح أوبرا (Opera)، الذي فيه خاصيّة تشغيل VPN، ليس متصفّحها الرّئيسي، إلّا أنّها تستخدمه في حال رغبتها في تنزيل ڤي.پي.إن محجوب. عندما أشرنا لها بأنّ متصفّح أوبرا أصبح محجوباً في مصر، أجابت: "هذه معضلة فرخة ولا بيضة"، حيث أنّها لا تذكُر إن كانت قد استخدمت VPN لتحميل أوبرا، أم العكس. أمّا ياسر، فلم يواجه تلك المشكلة "لأنّ سايفون (Psiphon) يعمل وغير محجوب، لكن في حالة لم أصل إليه، قد أبحث عنه في "جيت هب" (Github)". (مع العلم بأنّ موقع سايفون محجوب في مصر منذ بضع سنوات.) بالنّسبة ليوسف، فهو يخالفهما الرّأي: "استخدم برنامج فك حجب هو نفسه محجوب؟! ليه وجع القلب؟ سأبحث عن بديل غير محجوب."

غير ذلك

هناك بعض الاستخدامات الاعتياديّة للڤي.پي.إن التي يشاركها مستخدمي الانترنت في مصر مع أقرانهم في باقي أرجاء العالم. فمثلاً، محمّد يستخدمه لمشاهدة الأفلام والمُسلسلات على منصّات الڤيديو تحت الطلب التي تمارس الحجب الجغرافي (Geoblocking) مثل Netflix و Apple TV. أمّا مار، فهي تستخدمه عند استخدامها لتطبيقات المواعدة، ليس لكونها محجوبة وإنّما "عشان الخصوصيّة". يوسف يجد نفسه أشدُّ حرصاً على أمنه الرّقمي بعد ورشات الأمان الرّقمي، "VPN، تور (TOR) وكل حاجة، طول منا ماخد ورشة... بعد فترة، تتخلّى عن حذرك. بتحس يعني أنا بعمل إيه غلط، عشان أعمل كده ". كما تؤثّر حساسيّة، طبيعة، أو راديكاليّة المحتوى الذي يتم تصفّحه بالرّغبة، ولو المعنويّة، في تشغيل VPN. هناك أيضاً بعض الاستخدامات غير الاعتياديّة للڤي.پي.إن، مثل استعماله مع تطبيقات مثل CareemBus، Careem، أو Uber، لعدم الثّقة بأنّ هذه الشّركات ستحفظ أمن معلومات زبائنها من الحكومات العربيّة.


بعض مواصفات الڤي.پي.إن "المثالي" في السّياق المصري

  • غير محجوب في مصر: تجنّباً لوجع القلب. مع العلم بأنّ كون موقع مقدّم خدمة الڤي.پي.إن محجوب، لا يعني بأنّه أيضاً سيكون محجوب وسايفون مثال على ذلك.
  • أن تغطّي الخدمة أكثر من جهاز: لمواجه تفشّي حجب المواقع والتطبيقات
  • مستقر: أو غير متقطّع
  • القدرة على اختيار موقع الخادوم: حيث تشير مار بأنّ هذه خاصيّة مهمّة لأن هناك بعض الدّول التي "ممكن تكون مشبوهة بالنّسبة لمقدّم خدمة الانترنت، مثل إسرائيل أو إيران.
  • متوفّر بالعربية: "لو ما فيش عربي، ما بستخدمهوش".

نصائح إلى المستخدمين في مصر

  • استخدموا VPN في المقاهي

"أكبر نصيحة إنّه لو هتستخدمي شبكة انترنت عامّة، استخدمي ڤي.پي.إن دايماً، لأنّه في الغالب، الشّبكات العامّة مش أمان، وبتجمع بيانات." تشير مار أنّ في المقاهي التي تزوّد خدمات انترنت مقابل بيانات مثل: رقم الهاتف الخلوي، وتاريخ الميلاد، والشّراب المفضّل، تكون الحركات المروريّة على الانترنت مرتبطة بهذه البيانات. لذا في المقاهي، تشغّل مار خدمات الڤي.پي.إن على جميع أجهزتها سواء الحاسوب أو الهاتف.

  • حاولوا أن تستخدموا VPN دائماً

"أنصح بإستخدام ڤي.پي.إن دائمًا، وتحديدًا في حالة اﻹتصال من خلال شبكات انترنت عامة، أو حتى لو كانت شبكة منزلية. هناك بعض الأجهزة، مثل أندرويد، التي قد تكون عرضة للإختراق بسهولة" يقول ياسر.

  • انشروا ثقافة الأمان الرّقمي بين دوائركم

يلفت يوسف بأنّ المحتوى المصري المتعلّق بالخصوصيّة والأمان الرّقمي "ضعيف جدّاً". ويتكلّم عن المتاعب التي يواجهها في نطاق عمله، خصوصًا عند دعوة حتى زملائه في العمل (ناهيك عن الفئات المتنوّعة من الناس الذين تخدمهم المؤسّسة التي يعمل فيها) لاستخدام برامج تعزّز الخصوصيّة، حيث أنّ مجرّد النّصيحة باستخدام سيجنال مثلاً يثير في نفوس النّاس مخاوف من نوع "يعني عايزين تقولوا ايه" و"هو إحنا اللّي بنشتغله مش بننشره؟". ويذكر يوسف بأنّ المؤسّسة التي يديرها، قدّرت في بعض الأحيان تجنّب القيام بحملات توعية بالأمان رّقمي، لأنّها وجدت أنّ خطورتها الأمنيّة أكبر من احتماليّة نجاحها بين الناس.

  • احرصوا على بياناتكم من مزوّد الڤي.پي.إن

تذكّروا بأنّ مزوّد خدمة الڤي.پي.إن ذاته سيكون قادراً على الاطلاع على أنشطتكم المروريّة، فكونوا على وعي بالمعلومات التي سيخزّنها، بحسب احتياجاتكم الأمنيّة.

  • استعدّوا لاحتماليّة حجب خدمة الڤي.پي.إن التي تستخدمونها

تفكّروا في مصادر بديلة في حال حجب البرنامج الذي يناسب احتياجاتكم ولو كان مدفوعاً. هل لديكم صديقة خارج مصر، أو خبير بالأمن السيبراني تثقون به؟ بالنّسبة لمار، فهي تتجنّب تنزيل التطبيقات من أي مصدر ثالث (غير رسمي) على الانترنت.

  • ساعدوا المواقع الصحفية المحجوبة عن طريق قراءة محتواها

مارسوا حقّكم الذي يكفله الدستور المصري في الوصول إلى المعلومة. وتذكّروا بأنّ في الحجب نوع من العقوبة الاقتصاديّة على المؤسّسات الصّحفيّة المستقلّة التي اضطُر بعض منها إلى الإغلاق أو تسريح الموظّفين بعد الحجب. وإن كانت لديكم المقدرة، ادعموا هذه المؤسّسات ماديّاً بشكل مباشر.

  • ساعدوا في إنتاج أدلّة تقنيّة عن الحجب من مصر

يمكنكم استخدام تطبيق متفحّص أوني (OONI Probe) وهو برنامج مفتوح المصدر يعمل على رصد أي حجب أو تلاعب أو إبطاء لمواقع أو تطبيقات أو خدمات على شبكة الانترنت، بما في ذلك فحص سرعة وأداء الشبكة المحليّة والكشف عن تواجد رقابة أو مراقبة فيها. التطبيق موجود على زنچة تحت تصنيف "تك مدني"، أو بإمكانكم استخدام الموقع التالي من أوني لإدخال موقع لستم متأكّدين إن كان محجوب فعلاً. ولا نتسوا إضافة روابط المواقع المحجوبة إلى قوائم اختبار أوني عبر هذا الرّابط .


صورة الغلاف لِ: أحمد عزّت عبر موقع Unsplash


نزّلوا تطبيق الأندويد مجّاناً

للتنزيل مباشرةً
العودة للترويسة